وعندما نتكلم عن صلة الرحم فإننا نتكلم عن واحدة تعد من أسمى مكارم الأخلاق
و أنبلها على الإطلاق ومعاييرها المجيدة المنبثقة من دستور ديننا الحنيف تُحدث
التغيير الإيجابي والكبير..فهي ممارسة نبيلة وسامية لها أثر حمـيد في المجتمع
الاسلامي تخلق الود الرحمة في القـلوب و تُوطـد أواصر المحبة و التـعاون بـين
ذوي القـرابة الواحدة..، وقد حث عليها رب العزة في كتابه العزيز في أكثر من
موضع وفي أكثر من آية..فقال في الآية الأولى من سورة النساء « و اتقوا الله
الذي تسائلون به و الأرحام » حيث قرنها هـنا بالتقوى و جعـلها شرطا  أساسيا
ومهما من شـروطـها لما لها من مـنزلة عظيمة وكبرى داخل دستورنا  الاسلامي
 المجيد كما ذكرها في الآيتين الثاني و العشرين و الثالث و العشرين من سورة
محمد فقال«فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم (22)
أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم و أعمى أبصارهم(23)»... وفي هـاتين الآيتين
الكريمتين قرن الله التقوى بالإفساد في الأرض و لعنهم لعنا كبيرا..
كما هي كثيرة الآيات التي إما نهت عن قطع القرابة أو حـثت على وصلها و أيضا
فرسولنا الكريم عليه الصلاة و السلام لم يترك فرصة إلا و حث عليها ففي  حديث
روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حيث قال عليه الصلاة والسلام «الرحم
متعلقة بالعرش تقول:من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله .» و هنا فقد
 جعلها رب العزة متعلقة بالعرش وكفى بها منزلة لا تعلوها منزلة و مـرتبة فاقـت
كـل المراتب بكل المقاييس و جعل عاقبة قطعها بالقطع من صلة الله ... كـما روى
أنس بن مالك رضي الله عنه عـن رسولنا الكريم عليه الصلاة و السلام  حيث قـال
« من كان يـؤمن بالله واليوم الآخـر فليـكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله و اليوم
الآخر فليصل رحمه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت »
و هنا نجد أن رسولنا الكريم قرنها بالإيمان و التوحيد.. ، و أحاديث أخرى كثيرة
و عديدة ذُكرت فيها  صلة الرحم كـشيء واجـب وجوبـا تـاما و قـطـعها  فـيه وزر
كبير وعـظيم و إن دلت كـل هـذه البراهين و غــيـرها عـلى شيء فـهي تـدل عـلى
منزلتها الكبرى..
فكم لها من آثار جليلة على واصلها في الدنيا و يوم البعث ففي حديث  ورد في
صحيح البخاري عن أبي أيّوب الأنصاريّ أنّه قال: أنَّ رَجُلًا قالَ : يا رَسولَ اللَّهِ،
أخْبِرْنِي بعَمَلٍ يُدْخِلُنِي  الجَنَّةَ ، فَقالَ القَوْمُ : ما له ما له ؟ فَـقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ: أرَبٌ ما له فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه و سلَّمَ : تَعْبُدُ اللَّهَ لا تُشْرِكُ
به شيئًا، وتُقِيمُ الصَّلَاةَ ، وتُؤْتي الزَّكَاةَ،وتَصِلُ الرَّحِمَ ، ذَرْهَا قالَ : كَأنَّهُ كانَ علَى
 رَاحِلَتِهِ) . الحديث حيث جعلها عملا يدخل الجنة... وكفى بهذه الدلائل المضيئة
التي فاقت عظمتها كل شيء..
بقلم القيصر_